روائع مختارة | واحة الأسرة | فقه الأسرة | الظِـــهَار

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > واحة الأسرة > فقه الأسرة > الظِـــهَار


  الظِـــهَار
     عدد مرات المشاهدة: 2617        عدد مرات الإرسال: 0

[] الظهار: أن يقول الرجل لزوجته إذا أراد الإمتناع من الإستمتاع بها: أنت علي كظهر أمي، أو أختي، أو من تحرم عليه بنسب أو رضاع أو مصاهرة، فمتى شبه زوجته بمن تحرم عليه أو ببعضها، ظاهر منها.

¤ التّعريف:

= الظّهار لغةً: مأخوذ من الظّهر، لأنّ صورته الأصليّة أن يقول الرّجل لزوجته: أنت عليّ كظهر أمّي، وإنّما خصّوا الظّهر -دون البطن والفخذ وغيرهما- لأنّ الظّهر من الدّابّة موضع الرّكوب.

= وفي الاصطلاح: هو تشبيه الرّجل زوجته، أو جزءاً شائعاً منها، أو جزءاً يعبّر به عنها بإمرأة محرّمة عليه تحريماً مؤبّداً، أو بجزء منها يحرم عليه النّظر إليه، كالظّهر والبطن والفخذ.

[] مشروعيّة أحكام الظّهار:

كان النّاس قبل الإسلام إذا غضب الرّجل على زوجته لأمر من الأمور، ولم يرد أن تتزوّج بغيره آلى منها، أو قال لها: أنت عليّ كظهر أمّي، فتحرم عليه تحريماً مؤبّداً لا تحلّ له بحال، وتبقى كالمعلّقة، لا هي بالمتزوّجة ولا بالمطلّقة.

وإستمرّوا على ذلك في صدر الإسلام حتّى: غضب أوس بن الصّامت رضي الله عنه على زوجته خولة بنت ثعلبة رضي الله عنها فقال لها: أنت عليّ كظهر أمّي، فذهبت إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم تشكو إليه ما صنع زوجها، فقالت: إنّ أوساً تزوّجني وأنا شابّة مرغوب في، فلمّا كبرت سنّي ونثرت له بطني جعلني عليه كظهر أمّه، فقال لها النّبيّ صلى الله عليه وسلم: قد حرمت عليه فقالت: إنّ لي منه أولاداً إن ضممتهم إليه ضاعوا، وإن ضممتهم إليّ جاعوا، فقال صلى الله عليه وسلم: ما أراك إلاّ وقد حرمت عليه، فقالت: أشكو إلى اللّه فاقتي ووجدي، فنزل قول اللّه تعالى: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ*الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنكُم مِّن نِّسَائِهِم مَّا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلا اللائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنكَراً مِّنَ الْقَوْلِ وَزُوراً وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ*وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ*فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا فَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [المجادلة:1-4]

[] الحكم التّكليفيّ:

الظّهار محرّم، ولا يعتبر طلاقاً، وصرّح بعض الفقهاء بأنّه من الكبائر لكونه منكراً من القول وزوراً، لقوله تعالى: {الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنكُم مِّن نِّسَائِهِم مَّا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلا اللائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنكَراً مِّنَ الْقَوْلِ وَزُوراً وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ}.

أي: يقولون كلاما فاحشا باطلا، لا يعرف في الشرع، بل هو كذب بحت، وحرام محض، وقول منكر، وذلك لأن المظاهر يحرم على نفسه ما لم يحرمه الله عليه، ويجعل زوجته في ذلك مثل أمه، وهي ليست كذلك.

ولحديث أوس بن الصّامت حين ظاهر من زوجته خولة بنت مالك بن ثعلبة فجاءت إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم تشتكي فأنزل اللّه أوّل سورة المجادلة.

[] أثر الظّهار:

إذا تحقّق الظّهار وتوافرت شروطه ترتّب عليه الآثار الآتية:

أ= حرمة المعاشرة الزّوجيّة قبل التّكفير عن الظّهار، وهذه الحرمة تشمل حرمة الوطء ودواعيه من تقبيل أو لمس أو مباشرة فيما دون الفرج.

ب= إنّ للمرأة الحقّ في مطالبة الزّوج بالوطء، وعليها أن تمنع الزّوج من الوطء حتّى يكفّر، فإن إمتنع عن التّكفير كان لها أن ترفع الأمر إلى القاضي، وعلى القاضي أن يأمره بالتّكفير، فإن إمتنع أجبره بما يملك من وسائل التّأديب حتّى يكفّر أو يطلّق.

ج= وجوب الكفّارة على المظاهر قبل وطء المظاهر منها ودواعي الوطء، وذلك لأنّ اللّه تعالى أمر المظاهرين بالكفّارة إذا عزموا على معاشرة زوجاتهم اللاتي ظاهروا منهنّ في قوله جلّ شأنه: {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا} والأمر يدلّ على وجوب المأمور به، ولأنّ الظّهار معصية لما فيه من المنكر والزّور، فأوجب اللّه الكفّارة على المظاهر حتّى يغطّي ثوابها وزر هذه المعصية.

[] خصال كفّارة الظّهار:

خصال كفّارة الظّهار ثلاثة، وهي واجبة باتّفاق الفقهاء على التّرتيب الآتي:

1= الإعتاق.

2= الصّيام.

3= الإطعام.

فهي على الترتيب: عتق رقبة، فإن لم يجد الوقبة أو لم يجد ثمنها، صيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع الصيام لمرض ونحوه، أطعم ستين مسكينا.

والأصل في ذلك قول اللّه تعالى: {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ*فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا فَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ}.

ولقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم لأوس بن الصّامت حين ظاهر من امرأته: «يعتق رقبةً»، قيل له: لا يجد قال: «يصوم».

ـ ويشترط في الرقبة:

1) أن تكون مؤمنة، لقوله تعالى في كفارة القتل: {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} فيقاس عليها كفارة الظهار، وحملا للمطلق على المقيد.

2) أن تكون سليمة من العيوب التي تضر بالعمل ضررا بينا، لأن المقصود بالعتق تمليك الرقيق منافعه، وتمكينه من التصرف لنفسه، ولا يحصل هذا مع ما يضر بالعمل ضررا بينا، كالعمى وشلل اليد أو الرجل ونحو ذلك.

ـ ويشترط لصحة التكفير بالصوم:

1= أن لا يقدر على العتق.

2= أن يصوم شهرين متتابعين، بأن لا يفصل بين أيام الصيام وبين الشهرين إلا بصوم واجب، كصوم رمضان، أو إفطار واجب، كالإفطار للعيد وأيام التشريق، أو الإفطار لعذر يبيحه، كالسفر والمرض، فالإفطار في هذه الأحوال لا يقطع التتابع.

3= أن ينوي الصيام من الليل عن الكفارة.

ـ وإن كفر بالإطعام، اشترط لصحة ذلك:

1: أن لا يقدر على الصيام.

2: أن يكون المسكين المطعم مسلما حرا يجوز دفع الزكاة إليه.

3: أن يكون مقدار ما يدفع لكل مسكين لا ينقص عن مد من البر ونصف صاع من غيره.

[] إنتهاء الظّهار:

ينتهي الظّهار بعد إنعقاده موجباً لحكمه بواحد من الأمور الآتية:

أ- إنتهاء الظّهار بالكفّارة:

إذا ظاهر الرّجل من زوجته، وتحقّق ركن الظّهار، وتوافرت شروطه ترتّب عليه تحريم المرأة على زوجها، ولا ينتهي هذا التّحريم إلاّ بالكفّارة متى كان الظّهار مطلقاً عن التّقييد بزمن معيّن، وذلك لقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم لمن وطئ زوجته الّتي ظاهر منها قبل أن يكفّر: «لا تقربها حتّى تفعل ما أمرك اللّه عزّ وجلّ»، إذ نهاه عن العود إلى وطئها، وجعل لهذا النّهي غايةً هي التّكفير، فدلّ هذا على أنّ الظّهار لا ينتهي حكمه إلاّ بالكفّارة.

ب- إنتهاء الظّهار بالموت:

وينتهي الظّهار أيضاً بموت الزّوجين أو أحدهما، فلو ظاهر الرّجل من زوجته ثمّ مات أو ماتت زوجته إنتهى الظّهار وإنتهى حكمه باتّفاق الفقهاء جميعاً، لأنّ موجب الظّهار الحرمة، وهي متعلّقة بالرّجل والمرأة، فالرّجل يحرم عليه الإستمتاع بالمرأة الّتي ظاهر منها، والمرأة عليها ألاّ تمكّنه من نفسها حتّى يكفّر، ولا يتصوّر بقاء الحكم بدون من تعلّق به.

ج- مضيّ المدّة:

وينحلّ الظّهار المؤقّت بمضيّ مدّته عند جمهور الفقهاء.

هذا ديننا العظيم، فيه حل لكل مشكلة، ومن ذلك المشاكل الزوجية، فها هو يحل مشكلة الظهار، وهي مشكلة كانت مستعصية في أيام الجاهلية، بحيث لم يجدوا لها حلا إلا الفراق بين الزوجين وتشتيت الأسرة، فما أعظمه من دين! ثم نجده في إيجاب الكفارة راعى ظروف الزوج، وشرع لكل حالة ما يناسبها مما يستطيع الزوج فعله، من عتق، إلى صيام، إلى إطعام، فلله الحمد.

المصدر: موقع رسالة المرأة.